أخبار مهمةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة بعنوان : ماذا بعد الحج ؟؟ للدكتور خالد بدير

خطبة بعنوان : ماذا بعد الحج ؟؟ للدكتور خالد بدير ، بتاريخ 15 من ذي الحجة 1440 هـ ، الموافق 16 أغسطس 2019

 

 

لتحميل خطبة بعنوان : ماذا بعد الحج ؟؟ للدكتور خالد بدير  ، وعناصرها:

لتحميل خطبة بعنوان : ماذا بعد الحج ؟؟ للدكتور خالد بدير ، بصيغة word  أضغط هنا.

لتحميل خطبة بعنوان : ماذا بعد الحج ؟؟ للدكتور خالد بدير ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

ولقراءة خطبة بعنوان : ماذا بعد الحج ؟؟ للدكتور خالد بدير : كما يلي:

عناصر خطبة بعنوان : ماذا بعد الحج ؟؟ للدكتور خالد بدير :

أولاً: إخلاص العمل لله

ثانياً: دوام التلبية والإجابة والطاعة لله

ثالثاً: التزام التقوى والاستقامة بعد الحج

رابعاً: دوام الشكر لله تعالى

خامساً: أثر الحج في تهذيب السلوك والأخلاق

سادساً: المداومة على الدعاء والذكر والاستغفار

سابعاً: الحرص على حسن الخاتمة

المقدمة:                                                            أما بعد:

 

خطبة بعنوان : ماذا بعد الحج ؟؟

أولاً: إخلاص العمل لله

فيجب على من حج بيت الله الحرام أن يقصد بحجه وجه الله تعالى، لا من أجل كسب لقب ( حاج )، بل يغضب البعض إذا ناديته باسمه مجرداً، وكأنه حج للقب فقط، فينبغي على الحاج أن يحج مبتغياً الأجر من الله راجياً ثوابه؛ فهو تعالى يلجأ إليه الطائعون فيرفع درجاتهم، وينيب إليه المقصرون المذنبون فيكفر سيئاتهم, والإخلاص عليه مدار الأعمال والأقوال, يقول تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}(البينة: 5), ويقول جل شأنه: { قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } (الأنعام: 162) .

فعلى الحاج أن يجرد نيته من شوائب الشرك أو التعلق بغير الله تعالى أو قصد الدنيا في حجه حتى يكمل ثوابه:

لأن الإنسان منا قد يصلي وينفق ماله ويحج ويفعل الخيراتِ كلَّها ولكن يفعل ذلك ليس إخلاصاً لله ، ولكن من أجل فلان وفلان ، فيكون بذلك أشرك مع الله غيره في العبادة، وهذا بلا شك يجعل عملك مردوداً ، ويوم القيامة يقول لك الله – عز وجل –: يا عبدي ليس لك عندي جزاءٌ ولكن جزاءك عند فلان لأنك عملت العمل من أجله هو ، فعَنْ رَافِعِ بن خَدِيجٍ ، أَن ّرَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ :

” إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الأَصْغَرُ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا الشِّرْكُ الأَصْغَرُ ؟ قَالَ : الرِّيَاءُ ، يُقَالُ لِمَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ إِذَا جَاءَ النَّاسُ بِأَعْمَالِهِمْ : اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ فَاطْلُبُوا ذَلِكَ عِنْدَهُمْ “. (أحمد والطبراني والبيهقي بسند صحيح).

وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا غَزَا يَلْتَمِسُ الْأَجْرَ وَالذِّكْرَ مَالَهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا شَيْءَ لَهُ. فَأَعَادَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ؛ يَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا شَيْءَ لَهُ . ثُمَّ قَالَ:” إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنْ الْعَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ”.( النسائي بسند حسن)، وجاء رجل إلي النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال :

يا رسول الله إني أقاتل في سبيل الله ولكنى أُحب أن يُرى موطني ، فسكت النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى نزل قوله تعالى : { فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا } (الكهف : 110)، فمن أهم علامات القبول أن يخلص العبدُ أعماله لله فلا يجعل للخلق فيها نصيباً .

ثانياً: دوام التلبية والإجابة والطاعة لله

عباد الله: إن التلبية معناها الإجابة والطاعة ؛ وكأن الحج عندما يقول لبيك اللهم لبيك . أي: يا رب إجابة بعد إجابة وطاعة بعد طاعة ؛ ومن علامة قبول الحج دوام الإجابة والطاعة بعد الحج ؛ فللحج المبرور أمارة، ولقبوله منارة؛ فقد سئل الحسن البصري رحمه الله تعالى: ما الحج المبرور؟ فقال: ” أن تعود زاهدًا في الدنيا، راغبًا في الآخرة “.

 فينبغي أن يكون حجُّنا باعثًا لنا إلى المزيد من الخيرات وفعل الصالحات، وحاجزًا لنا عن مواقع المهلكات، ومانعًا لنا من الوقوع في الآفات والمخالفات.

وإذا كان الحاج منذ أن يُلبي وحتى ينقضي حجه وينتهي: كلُّ أعمالِ حجِّه ومناسكه تعرِّفه بالله، وتذكِّره بحقوقه جلّ في علاه، وأنه لا يستحق العبادة سواه، ولا تُسلَم النفس إلا إليه سبحانه؛ فكيف يهون على الحاج بعد ذلك أن يصرف حقًا من حقوق الله من الدعاء والاستعانة والذبح والنذر إلى غيره؟! وأيُّ حج لمن عاد بعد حجه يفعل شيئًا من ذلك الشرك الصريح والعمل القبيح؟! وأيُّ أثر للحج فيمن عاد بعد حجِّه مضيعًا للصلاة، مانعًا للزكاة، آكلاً للرِّبا، آخذا للرُّشا، قاطعًا للأرحام، والغًا في الموبقات والآثام؟!

إنّ من لبى في الحج للرّحمن عليه أن يّلبّي له بالطّاعة في كل مكان وزمان؛ فإنّ معنى التّلبية: إجابة لك بعد إجابة، وطاعة لك بعد طاعة، ومن امتنع عن محظورات الإحرام أثناء حجّ بيت الله الحرام، فليعلم بأنّ هناك محظورات على الدوام، وطول الدهر والعام؛ فليحذر إتيانها وقربانها؛ يقول جلّ وعلا: { تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا} [البقرة: 187].

ثالثاً: التزام التقوى والاستقامة بعد الحج

فإنّ الله تعالى ذكّر بالتّقوى في سياق آيات الحجّ عند الكلام على الهدي الذي يتقرّب به الحاجّ لربّه؛ مشيراً بذلك إلى أنّ حصول التّقوى من أعظم مقاصد الحج وفوائده؛ حيث قال سبحانه: { ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32) } ( الحج : 32) .

وقال تعالى: { لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ } [الحج:37].

فهذه التقوى التي يتربَّى عليها الحاجّ في حجّه هي التي ينبغي أن يسير عليها في حياتِه متعامِلاً بمقتَضاها مع نواهي الله وأوامِرِه، وكما أنّ الحجَّ لا رفثَ فيه ولا فسوقَ ولا جدال، فإنّه تربِيَةٌ وتهذيبٌ للسّلوك ليصبِحَ ذلك خلُقَ العبد في كل حال، وليكونَ كما وصَفَ النبيّ صلى الله عليه وسلم:” لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلاَ اللَّعَّانِ وَلاَ الْفَاحِشِ وَلاَ الْبَذِيءِ). ( الترمذي ) .

فلنحذر كلّ الحذر من العودة إلى الأفعال القبيحة، والخلال المشينة، وعلينا بلزوم الأعمال الطيّبة، والخلال الكريمة؛ فما أحسن الحسنة تتبعها الحسنة، وما أقبح الحسنة تتبعها السيّئة؛ { وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا } [النحل:92].

وأما الاستقامة فإنّها مِن أولى ما يوصَى به المسلم بعد التّقوى؛ كما أوصَى بها النبيُّ صلى الله عليه وسلم سفيانَ بن عبد الله رضي الله عنه حين قال:

يا رسولَ الله، قل لي في الإسلامِ قولاً لا أسأل عنه أحدًا بعدَك، قال: ” قُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ فَاسْتَقِمْ ” . ( مسلم ).

ولما كان العبد مَع الاستقامة معرَّضاً للخَطَأ والتّقصير: قال الله عزّ وجلّ: { فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ } [فصلت:6]، وإلى ذلك أشار الحديثُ الصحيح الذي رواه أحمد وابن ماجَة عن ثوبان رضي الله عنه أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ” اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا “؛ أي: لن تستوعبوا جميع العبادات، ولن تقدروا على كلّ الطاعات؛ ولهذا قال النبيّ صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحَين-: ( سَدِّدُوا وَقَارِبُوا ).

فالمطلوبُ مِنَ العبد الاستقامةُ؛ وهي السّدادُ والمقاربةُ، فإن لم يحصُل سدادٌ ولا مقارَبَة، فهو مفرِّط مضيِّع بلا موارَبة.

رابعاً: دوام الشكر لله تعالى

فقد زيل الله آيات الحج والحديث عن الأضاحي بالشكر، قال تعالى : { كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }.( الحج: 36)  قال العلماء : ” شُكر الطاعة طاعة مثلها ” ، فشكر الصيام صيام مثله وهكذا ، بمعنى أنك صمت شهر رمضان والصيام لم ينته بعد، فهناك ست من شوال، والاثنين والخميس وغيرها، ولذلك هناك فرق بين الشكر والحمد ، فالحمد باللسان والشكر بالعمل ، قال تعالى :

{ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ }.( سبأ : 13)، فالشكر يكون من جنس النعمة التي أنعم الله بها عليك، فإذا تكاسل العبد عن الطاعة فهذا يكون دليل على عدم قبول العمل عند الله، وإذا داوم عليها وثبتها فهذا دليل على قبولها عند الله، وكان هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- المداومة على الأعمال الصالحة، فعن عائشة- رضي الله عنها – قالت:

“كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا عمل عملاً أثبته.” ( مسلم)، وأحب الأعمال إلى الله وإلى رسوله أدومها وإن قلَّت، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ” أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل.”( متفق عليه)، وقَالَت عَائِشَةَ – رضي الله عنها -: ” كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً “( البخاري ومسلم.) ، فما كان لله دام واتصل، وما كان لغير الله انقطع وانفصل، وما دام العمل لله فإن الله – جل وعلا – سيقبله برحمته، وبشرى لمن داوم على عمل صالح، ثم انقطع عنه بسبب مرض أو سفر أو نوم كتب له أجر ذلك العمل. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:

” إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً “( البخاري)، وهذا في حق من كان يعمل طاعة فحصل له ما يمنعه منها، وكانت نيته أن يداوم عليها. وقال -صلى الله عليه وسلم-:” ما من امرئ تكون له صلاة بليل فغلبه عليها نوم إلا كتب الله له أجر صلاته، وكان نومه صدقة عليه.” (أبو داود والنسائي بسند جيد).

خامساً: أثر الحج في تهذيب السلوك والأخلاق

عباد الله : إن العبادات كلها شرعت من أجل تهذيب سلوك الفرد والمجتمع ؛ ولو طوفنا حول العبادات كلها لوجدنا ذلك في نصوص القرآن والسنة ؛ ففي الزكاة قال تعالى: { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة/103]، فالزكاة طهارة ونماء وتزكية للنفس من الشح والبخل .

وفي الصلاة، تأتي الحكمة العليا منها في قوله تعالى: { وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ } (العنكبوت: 45) فأنت مأمور في أداء الصلاة في جماعة، لكي تحتك بالناس وتتفاعل معهم وتربطك بهم صلات وتواد وتراحم، فضلاً عن أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، فالفحشاء والمنكر هما جماع الأقوال البذيئة والأفعال السيئة، وهما لا يظهران إلا في التعامل مع الناس في المجتمع. 

وفي الصيام قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } ( البقرة : 183) ، بكل ما تحمله كلمة التقوى من دلالات ومعان إيمانية وأخلاقية، ويربي الرسول صلى الله عليه وسلم الصائمين على أرفع القيم الخلقية وأنبلها حيث يقول: “الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ : إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ ” (البخاري ومسلم)، فالصوم جنة أي وقاية من جميع الأمراض الخلقية، فعليك أن تدرك أن الصوم يحجزك عن كل الرذائل لأنه جنة ووقاية من سيء الأخلاق.

وفي الحج يغرس القرآن أسمى المعاني الأخلاقية في نفوس الحجاج والمعتمرين من خلال قوله تعالى:

{ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ } [البقرة/197]، فقد يظن الإنسان أن السفر إلى البقاع المقدسة رحلة مجردة عن المعاني الخلقية، بل أنت مأمور بضبط الأخلاق أثناء الزحام، كما يجب عليك اجتناب الرفث والفسوق والجدال والخصام في الحج، فضلاً عن غرس قيم الصبر وتحمل المشاق والمساواة بين الغني والفقير والتجرد من الأمراض الخلقية.

فالعبد إذا صلى وصام وحج وزكي ؛ ومع ذلك هو سيء الأخلاق والمعاملة مع الآخرين ؛ فإن حجه لم يكن مقبولاً لأنه لم يحقق الغرض المنشود من الحج ؛ فلابد أن يكون حاله بعد الحج أحسن من قبل حجه ؛ وإلا فحسنات الحج ذاهبة قصاصاً ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم-  قَالَ: ” أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟ قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، فَقَالَ: إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ، أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ”(مسلم) .

إن العبادات لا يمكن أن تؤتى ثمرتها المرجُوّة إلا إذا ظهر أثرها في سلوك المرء وأخلاقه وتعامله مع الآخرين، فمن لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له، ومن لم ينهه حجه وصومه عن اللغو والرفث والفسوق فما انتفع بحج ولا بصيام …..وهكذا

عباد الله:

هذا العرض المجمل لبعض العبادات التي اشتهر بها الإسلام ، وعرفت على أنها أركانه الأصيلة ، نستبين منه متانة الأواصر التي تربط الدين بالخلق، إنها عبادات متباينة في جوهرها ومظهرها ، ولكنها تلتقي عند الغاية التي رسمها الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: “إنما بُعثتُ لأتمم صالح الأخلاق “، لأنها كلها شرعت من أجل الأخلاق كما دللنا على ذلك بشواهد صحيحة من القرآن والسنة.

إن العبادة هي علاقة بينك وبين ربك، أما السلوك فهو علاقة بينك وبين الناس، ولابد أن تنعكس العلاقة بينك وبين ربك على العلاقة بينك وبين أفراد المجتمع، فتحسنها وتهذبها .

سادساً: المداومة على الدعاء والذكر والاستغفار

فينبغي على الحاج أن يلازم الدعاء والذكر والاستغفار بعد أداء فريضة الحج؛ لذلك جعل الله بعد كل عبادة دعاءً واستغفاراً جبراً للخل الذي حدث في هذه العبادة، فبعد الانتهاء من الصلاة استغفار وتسبيح وتحميد وتكبير ، لماذا ؟ لجبر الخلل الذي وقع في الصلاة ، وفى الحج قال تعالي : ” فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَام ” ( البقرة : 198 )  ، وقال تعالي : ” فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ ” ( البقرة : 200 ). وهذا سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل دعوا الله أثناء بناء الكعبة ، قال تعالي :

” وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ” ( البقرة : 127 )، وعند الانتهاء من المجلس تختمه بدعاء كفارة المجلس : “سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك ” فما من لغو أو رفث إلا غفر الله لك ، ولذلك كان الصحابة يدعون الله ستة أشهر قبل رمضان أن يبلغهم رمضان ، وبعد رمضان يدعون الله ستة أشهر أن يتقبل منهم رمضان ، فعود نفسك علي الدعاء والاستغفار بعد كل عمل تعمله ، لأنك مهما حرصت على تكميل عملك فإنه لابد من النقص والتقصير.

كتب عمر بن عبد العزيز – رحمه الله – إلى الأمصار يأمرهم بختم شهر رمضان بالاستغفار والصدقة وصدقة الفطر:

فإن صدقة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث والاستغفار يرفع ما حدث من الخروق في الصيام باللغو والرفث، وقال عمر بن عبد العزيز في كتابه: قولوا كما قال أبوكم آدم (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (الأعراف:23) وقولوا كما قال نوح عليه السلام: (وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (هود:47) وقولوا كما قال إبراهيم – عليه السلام-: (وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ) (الشعراء:82) وقولوا كما قال موسى عليه السلام: (قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ..) (القصص:16) وقولوا كما قال ذو النون عليه السلام: (.. لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) (الأنبياء:87) .

سابعاً: الحرص على حسن الخاتمة

وهذه رسالة للجميع بالمداومة والثبات على الطاعة حتى يختم لهم بالطاعة كالذي مات في حجة الوداع ويبعث ملبياً ؛ فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ إِذْ وَقَعَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَأَقْصَعَتْهُ أَوْ قَالَ فَأَقْعَصَتْهُ؛ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ وَلَا تُحَنِّطُوهُ وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا”( متفق عليه ).

وهذا ابن مسعود بكى في موته، فقيل له: لم تبك يا ابن مسعود؟ قال: جاءني المرض في زمن الفتور، أي: فتور الطاعة، وكنت أحب أن يأتيني في زمن النشاط، أي: وأنا أتهجد وأقرأ وأصوم؛ حتى إذا جاء ملك الموت قُبضت على طاعة، لذلك النبي عليه الصلاة والسلام قال لأصحابه: ” لا تخمروا رأسه ولا تطيبوه، كفنوه وغسلوه، فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً “.

وقد يقول قائل كيف أكتسب حسن الخاتمة وهذا أمر ليس بيدي؟!! وكيف أموت على طاعة؟!! والجواب في حكمة أبي حازم سلمة بن دينار حيث يقول: كل ما لو جاءك الموت عليه فرأيته خيراً فالزمه ، وكل ما لو جاءك الموت عليه فرأيته شراً فاجتنبه. أي: إذا أردت أن تموت على طاعة فالزمها؛ وإن كرهت الموت على معصية فاتركها!!! هذه هي الخلاصة !!

أحبتي في الله:

إن الإنسان لو عاش على الطاعة وداوم عليها فإن الله الكريم يستحي أن يقبضه على معصية. قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: {وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} أي: ” حافظوا على الإسلام في حال صحتكم وسلامتكم لتموتوا عليه، فإن الكريم قد أجرى عادته بكرمه أنه من عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بُعث عليه، فعياذًا بالله من خلاف ذلك.”

وقد ذكر الإمام ابن القيم عدة مواقف للخواتيم فقال:” أخبرني بعض التجار عن قرابة له أنه احتضر وهو عنده، وجعلوا يلقنونه لا إله إلا الله وهو يقول: هذه القطعة رخيصة، وهذا مشترٍ جيد، هذه كذا، حتى قضى ولم ينطق التوحيد!! وأخبرني من حضر عند وفاة أحد الشحاذين فجعلوا يقولون له: قل لا إله إلا الله؛ فجعل يقول: فلس لله.. فلس لله، حتى ختم بهذه الخاتمة!! وقيل لآخر كان يدمن الغناء:

قل لا إله إلا الله، فجعل يهذي بالغناء ويقول: تاننا تنتنا، حتى مات!!! فكيف يوفَّق لحسن الخاتمة من أغفل اللهُ سبحانه قلبَه عن ذكره، واتّبَعَ هواه، وكان أمره فُرُطًا؟ فبعيدٌ من قلبٍ بعيدٍ من الله تعالى، غافلٍ عنه، متعبّدِ لهواه، أسيرٍ لشهواته؛ ولسانٍ يابسٍ من ذكره، وجوارحَ معطّلةٍ من طاعته مشتغلةٍ بمعصيته أن توفَّقَ للخاتمة بالحسنى.؟!! ( الداء والدواء)

فالإنسان الذي يداوم على الطاعة وأصبحت سجيةً له يستعمله الله في عمل الخير عند خاتمته؛ بل ويعسله كما جاء في الحديث؛ فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ:”إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا عَسَّلَهُ”، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ، وَمَا عَسَّلَهُ؟ قَالَ:”يُفْتَحُ لَهُ عَمَلا صَالِحًا، ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ”. ( أحمد والحاكم والطبراني واللفظ له).

 وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :”إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ؛ فَقِيلَ: كَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ قَبْلَ الْمَوْتِ”( أحمد والحاكم والطبراني والترمذي واللفظ له وقال: هذا حديث حسن صحيح).

فإذا كنتم تريدون الموت على طاعة فالزموها ؛ وإن كرهتم الموت على معصية فاتركوها ؛ والأمر بالعمل وليس بالتمني ؛ فكلنا نتمنى ؛ والعاملون قلة ؛ ونسأل الله أن نكون من القليل كما قال تعالى: { اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ } (سبأ: 13).

رزقنا الله وإياكم دوام الاستقامة على الطاعة .

الدعاء……..                                                              وأقم الصلاة،،،،

                                                                    كتبه : خادم الدعوة الإسلامية

                                                                                            د / خالد بدير بدوي

 

 

______________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »